سورة الأعراف - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعراف)


        


مكّناكم في الأرض: جعلنا لكم قوةً لاستغلالها. معايش: جمع معيشة: وهي كل ما يمكن من وسائل العيش.
بعد أن بين الله تعالى أنه هو واضعُ الدِين فيجب اتّباعه، وقفّى على ذلك بذكر عذاب الدنيا، وذكَر عذاب الآخرة- أردف هنا بذكر ما انعم به على عباده.
ولقد مكّناكم في الأرض وجعلنا لكنم أوطاناً تستقرون فيها، ومنحناكم القوة لاستغلالها، وهيأنا لكم وسائل العيش فيها، من نبات وأنعام وطير وسمك ومياه عذبه واشربة مختلفة الطعوم والروائح، ووسائل مختلفة للتنقل والارتحال من جهة إلى اخرى تتقدم بتقدم العلم والاختراع، وغير ذلك مما يرفّه عنكم {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ الله لاَ تُحْصُوهَا} وكل ذلك يقتضي منكم الشكَر الكثير، لكنّكم {قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ} وكما قال تعالى في آية اخرى {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشكور}.
قراءات:
معايش بالياء، قرأ بذلك جميع القرّاء ورُوي عن نافع {معائش} بالهمز.


الخلق: التقدير خلق الله الخلق: أوجدهم من العدم. الهبوط: الانحدار اهبط منها: اخرج منها، كأنه انحدر من اعلى إلى اسفل التكبر: الاستعلاء وتقدير الإنسان نفسَه اكثر من اللازم الصغار: الذلة أنظرني أجّلني وأخّرجني أغوتني: حكمت عليَّ بالغواية وهي الضلال مذءوماً: مذموماً معيبا مدحورا: مطرودا.
بعد أن ذكّر الله عباده في الآية بنعمة عليهم- بيّن هنا ان الله خلق النوع الانساني مستعدّاً للكمال، لكنه قد تَعرِض له وسوسة من الشيطان تحُول بينه وبين هذا الكمال الذي يبتغيه.
الخطابُ لبني آدم جميعا... لقد خلقنا مادة هذا النوع الانساني، وقدّرنا إيجاده، ثم صوّرناه على هذه الصورة الجميلة، ثم قلنا للملائكة اسجُدوا لآدمَ سجود تعظيم، فأطاعوا أمرنا وسجدوا له الا إبليس. لقد أبى واستكبر، وامتنع عن السجود ولما قال له الله تعالى منكراً عليه عصيانه: ما منعك من امتثال أمري، فرفضت ان تسجد لآدم مع الساجدين؟ اجاب ابليس في عنادٍ وكبر: أنا خيرٌ من آدم، لأنك خلقتَني من نار، وخلقتَه من طين والنارُ أشرفُ من الطين.
فجزاه الله على عناده وكيده بطرِده من دار كرامته، وقال له: اهبط منها بعد أن كنتَ في منزلة عالية.
{فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا}.
اي ليس ينبغي ان تكبر في هذا المكان المعَدَّ للكرامة والتعظيم، ثن تعصي ربك فيه {فاخرج إِنَّكَ مِنَ الصاغرين} أي المحكوم بالذلة والهوان.
قال ابليس لله: {قال أنظِرْني إلى يوم يُبعثون} أي أمهلْني إلى يوم القيامة، فأجابه الله تعالى بقوله: {إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ} أي اني أجبتُك إلى ما طلبتَ، لما في ذلك من الحكمة التي انا بها عليم.
{قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المستقيم} أي أنني بسبب حكمك عليَّ بالغواية والضلال، أُقسم ان أقعد لأبناء آدم هذا على صراطك المستقيم، كي اصرفَهم عنه مُتّخِذاً في ذلك كل وسلة ممكنة.
{ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ} أي من كل جهة أستطيعها، ملمساً كل غفلة أو ضعف فيهم. حتى لا يكون اكثرُهم مؤمنين.
{وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} لنعمك عليهم.
فزاده الله نِكايةً وقال له: اخرُج من دار كرامتي مذموما بِكِبرك وعصيانك وهالكاً مطرودا من الجنة. وأٌقسِم أن من تَبِعك من بني آدم لَيكَونن في جهنَّم معك.
روى احد وأبو داود والنسائي من حديث ابن عمر قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعُ هؤلاء الدعوات: «اللهم اخفظني من بين يَديّ ومن خَلْفي، وعن يَمين وعن شِمالي ومِن فوقي، وأعوذُ بك ان أُغتال من تحتي».


الوسوسة: الصوت الخفي. وسوسة الشيطان: ما يجده الإنسان في نفسه من الخواطر الرديئة الجنة: كل بستان ذي شجرٍ يستر الأرض. والآن، هل الجنة في الأرض خلاف الجنة الموعودة؟ في هذا خلاف كبير بين العلماء أما الشجر التي أكل منها أدم فلم يبين القرآن نوعها، ولم يردْ في حديث صحيح تفسير لحقيقتها.
فدلاهما بغرور: خدعهما. قاسمها اقسم لها وحلف ليخدعهما. سواءاتهما: عوراتهما. يخصفان: يلزقان ورقة فوق ورقة. ما روي عنهما: ما غُطي وستر.
لا يزال الحديث متّصلاً في الكلام على النشأة الاولى للبشر.
{وَيَا آدَمُ اسكن أَنتَ وَزَوْجُكَ الجنة}.
الجنة: هي التي خُلق فيها آدم، أما هو فقد خُلق من الأرض بنص القرآن الكريم. وقد تكررت قصة آدم في سبعة مواضع من القرآن الكريم.
وجمهور المفسرين على انها جنة الجزاء التي وُعد بها المتّقون يوم القيامة. ولاخطاب لآدم. وهو: أُسكن انت وزوجُك حوّاء الجنة، وتنعّمها بما فيها، فكُلا من أيّ طعام أردتما إلا هذه الشجرة (شجرة قد عينها الله لهما) فلا تقرباها حتى تظلما نفسيّكما بمخالفة اوامري.
{فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشيطان...}.
فزيّن لهما الشيطانُ مخالفة أمر الله، حتى إذا أكلا منها انكشفت عورتُهما. وقال الشّيطان لهما: إنما نهاكُما عن الأكل من هذه الشجرة حتى لا تكنا ملَكَين، أو من الخالدِين الّين لا يموتون أبدا.
{وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ الناصحين} وأقسم لهما أنه ناصح لهما فيما رغّبهما فيه من الأكل من تلك الشجرة.
{فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشجرة بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الجنة}.
فما زال يخدعهما بالترغيب في الأكل حتى أطاعاه، فلمّا ذاقا طعمها انكشفت لهما عورتُهما، فخجِلا وجعلا يجمعان بعض أوراق الشجر من الجنة ليستُروا بها عوارتهما.
فعاتبه الله تعالى على عصاينه أمره، وإطاعتِه للشيطان فقال: {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَآ أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشجرة وَأَقُل لَّكُمَآ إِنَّ الشيطآن لَكُمَا عَدُوٌ مُّبِينٌ}.
وناداهما ربهما منّبهاً لهما على خطئهما، ومعاتباً لهما قائلاً: ما نَهَيتُكما عن ان تقربا هذه الشجرة وقلتُ لكما إن الشيطان لا يرد لكما الخير فان أطعتُماه أخرجكما من الجنة إلى حيث الشقاء والتعب!
عند ذاك قال آدم وزوجته نادمَين متضرعَين: يا ربّنا، لقد ظلمنا أنفسَنا بمخالفة امرك، وإن لم تغفر لنا ما فعلناه لنكونَنَّ من الخاسرين.
{قَالَ اهبطوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأرض مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إلى حِينٍ}.
قال الله لآدم وزوجته حواء، وللشيطان، اهبطوا من هذه الجنة جيمعا، إلى الأرض هناك سيكون استقراٌ وبقاء إلى زمن مقدَّر في علم الله، وهو الأجل الذي تنتهي فيه أعماركم. كما ان لكم فيها متاعاً تنفتعون به في معاشكم.
ثم فصّل بقوله: {قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ}.
أي أنكم في هذه الأرض التي خُلقتم منها تولَدون وتعيشون، وفيها تموتون وتُدفون، ومن هذه الأرض تُخرجون عند البعث، كما قال تعالى في سورة طه: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أخرى}.
قراءات:
قرأ حمزة والكسائي وابن ذكوان وخلف ويعقوب: {تخرجون} بفتح التاء وضم الراء، والباقون {تخرجون} بضم التاء وفتح الراء.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8